يقول النبي صلى الله وعليه وسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" ركعتا الفجر ليست هي صلاة الفجر إنما هي
السنة القبلية قبل الفجر) هكذا اوضح لنا الشيخ عبد الحميد البلالي من خلال برنامجه "أنوار إيمانية" والذى يقدمه على قناة الرسالة ، مؤكداً أنه في صلاة الفجر تتضح الهمم العالية من الدنية، وتتضح قضية أسرى الفراش وأسرى الوسائد والنوم والذين يتغلبون على النوم والشهوات، إنهم أحق الرجال لذلك كان الصحابة يقولون رضي الله عنهم: كنا نعرف المنافقين من غيرهم من صلاة الفجر لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "أشق الصلاة على المنافقين صلاة الفجر" ، لماذا شاقة؟ لأنه استيقاظ من نوم عميق، لذلك كان فضل صلاة الفجر عظيم جدا.
وأضاف الشيخ البلالى: {إن قران الفجر كان مشهودا} قال المفسرون: أي ان صلاة الفجر تشهدها الملائكة في زفة ملائكية كبيرة وتتعاقب ، اى تأتي ملائكة أخرى ويذهب ملائكة آخرون فيرون ذلك العبد.. جاؤوا وجدوه يصلي وتركوه وهو يصلي، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلى البردين دخل الجنة" يعني من صلى العصر والفجر دخل الجنة، ولماذا اختار النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر وصلاة العصر؟ لأنهما الصلاتان الشاقتان، كلها تأتي بعد نوم.. العصر يأتي بعد نوم قيلولة والفجر يأتي بعد نوم الليل، لذلك من غالب نفسه وانتصر عليها وحضر صلاة الفجر وصلاة العصر هذا من أصحاب العزائم الكبرى، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلى البردين دخل الجنة".
الشيخ البلالى: ومن هنا نعرف ان صلاة الفجر ليست كأية صلاة، كل الصلاة مهمة، {حافظوا على الصلاة والصلاة الوسطى} ولكن صلاة الفجر فيها ميزة أنها أول الصلوات ، وفيها يخرج غاز يسمى غاز الأوزون O3 كما يقول العلماء، هذا الغاز لا يخرج إلا عند الفجر ويتناقص حتى شروق الشمس فمن حضر صلاة الفجر استنشق من هذا الغاز الذي يسميه العرب ريح الصبي، والذى اكد العلماء ان له أثر كبير على الجهاز العصبي فهو يأخذ نفسا كبيرا ويستنشق نفسا كبيرا من هذا الغاز الذي يؤثر على أعصابه فيعيش كل يومه إنسانا سعيدا هادئاً متحكماً بأعصابه، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا بسر آخر من أسرار صلاة الفجر عندما قال: "من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله" أي في حمايته وكفايته ورعايته.
واتذكر هنا طرفة حقيقية أن شابا صغيرا لم يبلغ الحلم صلى الفجر مع أبيه وكان قد نسي أداء الواجب المدرسي فعندما
ذهب إلى المدرسة وسأل الأستاذ عن الواجبات علم أن هذا الشاب لم يقم بعمل الواجب فقال له: لابد من عقابك وضربك قال: يا أستاذ لن تستطيع أن تضربني، قال: لماذا لا أستطيع أن أضربك؟ قال: لأني صليت الفجر في جماعة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله فامتنع الأستاذ عن ضربه، إذن صلاة الفجر هي البكور فيها أو بعدها توزع الأرزاق، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: بارك الله في بكور أمتي، والبكور يعني القوة فكل شيء يبدأ في قوة فيه قوة وانطلاقة.. فيه هدوء نفسي.. فيه حضور الملائكة، فيها يفرق بين المنافق وبين المؤمن، وفيها إثبات للنفس على قوة ذلك الرجل وقوة ذلك المؤمن، بينما الذين يتلحفون بهذه الأغطية دليل على ضعف الشخصية وضعف الإيمان فلو غلب الإيمان وقوي لتغلب هو على الوسادة وتغلب على الغطاء.
واستطرد فضيلة الشيخ قائلاً : أعجبني إجابة ذلك الداعية البصير الذي عندما سئل: متى ينتصر الإسلام فأجاب إجابة ذكية: اذا استطعنا أن ننتصر على الأغطية التي تغطينا ليالي الشتاء وقمنا إلى صلاة الفجر، لذلك دائما الناجحون هم قلة، أصحاب الهمم العالية قلة، لذلك أنت تلاحظ أن هناك فرق فيمن يحضر صلاة الفجر ومن يحضر صلاة العشاء أو الظهر، فرق كبير، لذلك الله سبحانه وتعالى يختار هؤلاء أصحاب الهمم العالية ليجتبيهم ويجعلهم أحبائه في جنة الخلد.
وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم ، عندما كانوا يتقدمون لبنات للزواج يسألون عن صلاة الفجر: هل يصلى الفجر في جماعة أم يصليها منفرداً في بيته أو بعد شروق الشمس؟ صلاة الفجر هي التي نستطيع أن نجعلها مقياساً لقوة الهمة والرجولة والإيمان والصفاء النفسي، قراءة القرآن في صلاة الفجر تختلف عن قراءتها في لحظات أخرى وكله خير، ولكن في صلاة الفجر معان عظيمة لا يدركها المؤمن إلا في هذه الصلاة.
وختم الشيخ الحلقة قائلاً : إخوتي الأحبة ، أخواتي الفاضلات إننا نرتقي بأرواحنا عندما نستيقظ قبيل الفجر ونصلي لله
ركعتين أو أربع أو ما يتيسر ونشعر بأن الله سبحانه وتعالى تنزل كما جاء في الحديث إلى السماء الأولى وينادينا: هل من مستغفر فاغفر له؟ هل من سائل فأعطيه؟ فأصحاب الحظوظ العالية وأصحاب المنزلة العالية يقومون لصلاة الفجر وقبيل صلاة الفجر، نسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون ممن يوفقون لصلاة الفجر وممن يستطيعون الانتصار على أنفسهم والانتصار على شياطينهم اللذين يجذبونهم ويعقدون ثلاث عقد كما جاء في الحديث الصحيح "الشيطان يعقد على قافية أحدكم ثلاث عقد"، كأنه يحجز الإنسان ويكبله حتى لا يقوم لصلاة الفجر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: فإذا استيقظ انفكت عقدة وذكر الله سبحانه وتعالى وإذا توضأ انفكت عقدة ثانية وإذا صلى انفكت العقدة الثالثة وإذا استمر كسلان فهذا إنسان ما زال الشيطان يكبله، وكم من الناس يستيقظ بالمنبه ويذهب للمنبه ويغلقه ويرجع لينام، إذن ما فائدة المنبه إذا فعلت ذلك؟.